قال الأوزاعي: إذا كان اللمس باليد نقض الطهر، وإن كان بغير اليد لم ينقضه لقوله تعالى (فلمسوه بأيديهم).
وقد احتجوا بحجج تزعم كل طائفة أن حجتها تدل على أن الملامسة المذكورة في الآية هي ما ذهبت إليه، وليس الأمر كذلك، فقد اختلفت الصحابة ومن بعدهم في معنى الملامسة المذكورة في الآية، وعلى فرض أنها ظاهرة في الجماع فقد ثبتت القراءة المروية عن حمزة والكسائي بلفظ أو لمستم وهي محتملة بلا شك ولا شبهة، ومع الاحتمال فلا تقوم الحجة بالمحتمل.
وهذا الحكم تعم به البلوى وثبت به التكليف العام فلا يحل إثباته بمحتمل قد وقع النزاع في مفهومه.
وإذا عرفت هذا فقد ثبتت السنة الصحيحة بوجوب التيمم على من أجنب ولم يجد الماء فكان الجنب داخلاً في هذا الحكم بهذا الدليل، وعلى فرض عدم دخوله فالسنة تكفي في ذلك، وأما وجوب الوضوء أو التيمم على من لمس المرأة بيده أو بشيء من بدنه فلا يصح القول به استدلالاً بهذه الآية لما عرفت من الاحتمال.
وأما ما استدلوا به من أنه - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل فقال يا رسول الله ما تقول في رجل لقي امرأة لا يعرفها وليس يأتي الرجل من امرأته شيئاً إلا قد أتاه منها غير أنه لم يجامعها؟ فأنزل الله (أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئآت ذلك ذكرى للذاكرين) أخرجه أحمد والترمذي والنسائي من حديث معاذ، قالوا فأمره بالوضوء لأنه لمس المرأة ولم يجامعها، فلا يخفاك أنه لا دلالة لهذا الحديث على محل النزاع فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمره بالوضوء ليأتي بالصلاة التي ذكرها الله سبحانه في هذه الآية إذ لا صلاة إلا بوضوء.