للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالأغلب فيمن لم يجد الماء بخلاف الحاضر فإن الغالب وجوده فلذلك لم ينص الله سبحانه عليه اهـ.

والظاهر أن المرض بمجرده مسوغ للتيمم وإن كان الماء موجوداً إذا كان يتضرر باستعماله في الحال أو في المال ولا تعتبر خشية التلف، فالله سبحانه يقول (والله يريد بكم اليسر) ويقول (ما جعل عليكم في الدين من حرج) والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول " الدين يسر (١) " ويقول: " يسروا ولا تعسروا (٢) " وقال " قتلوه قتلهم الله (٣) " ويقول " أمرت بالشريعة السمحة (٤) ".

فإذا قلنا: إن قيد عدم وجود الماء راجع إلى الجميع كان وجه التنصيص على المريض هو أنه يجوز له التيمم والماء حاضر موجود إذا كان استعماله يضره فيكون إعتبار ذلك القيد في حقه إذا كان استعماله لا يضره، فإن في مجرد المرض مع عدم الضرر باستعمال الماء ما يكون مظنة لعجزه عن الطلب لأنه يلحقه بالمرض نوع ضعف، وأما وجه التنصيص على المسافر فلا شك أن الضرب في الأرض مظنة لإعواز الماء في بعض البقاع دون بعض.

(فتيمّموا) التيمم لغة القصد يقال تيممت الشيء قصدته، وتيممت الصيد تعمدته، وتيممته بسهمي ورمحي قصدته دون من سواه، قال ابن السكيت: قوله تيمموا أي اقصدوا ثم كثر استعمال هذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب.

وقال ابن الأعرابي في قولهم: قد تيمم الرجل معناه قد مسح التراب على وجهه، وهذا خلط منهما للمعنى اللغوي بالمعنى الشرعي، فإن العرب لا تعرف


(١) الحديث: إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه
(٢) مسلم ١٧٣٤ - البخاري ٦١.
(٣) رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني وصححه ابن السكن.
(٤) الإمام أحمد ٦/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>