والأخروية، وشرف العلم وجلالته باعتبار شرف موضوعه وغايته، فهو أشرف العلوم وأعظمها، ذكره أبو الخير وابن صدر الدين.
والقرآن الكلام العربي المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - المتحدى بأقصر سورة منه المنقول تواتراً، ودليله الكتاب والسنة ولفظ العرب العرباء، واستمداده من علمي أصول الدين والفقه وهو قسمان " تفسير " وهو ما لا يدرك إلا بالنقل كأسباب النزول " وتأويل " وهو ما يمكن إدراكه بالقواعد العربية فهو مما يتعلق بالدراية.
والسر في جواز التأويل بشروطه دون التفسير، أن التفسير كشهادة على الله وقطع بأنه عنى بهذا اللفظ هذا المعنى ولا يجوز إلا بتوقيف، ولذا جزم الحاكم بأن تفسير الصحابي مطلقاً في حكم المرفوع، والتأويل ترجيح لأحد المحتملات بلا قطع، فاغتفر، أفاد ذلك جماعة من أهل العلم ذكرهم سليمان الجمل في حاشية الجلالين.
وقد تصدى لتفسير عويصاته أساطين الأمة، وتولى لتيسير معضلاته سلاطين الأئمة من الصحابة والتابعين، وأئمة اللغة والنحويين، ثلة من الأولين وأمة من الآخرين، فغاصوا في بحار لججه، وخاضوا في أنهار ثبجه، فنظموا في سلك التقرير فرائده، وأبرزوا في معرض التحرير فوائده، وألفوا كتباً جليلة المقدار، وصنفوا زبراً جميلة الآثار، وفصلوا مجمله، وبينوا معضله مع تحقيق للمقاصد وفق ما يرتاد، وتنقيح للمعاقد فوق ما يعتاد.
فالمفسرون من الصحابة الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبيّ بن كعب، والرواية عن علي أكثر، وعن الثلاثة في ندرة جداً، والسبب فيه تقدم وفاتهم، وروي عن ابن مسعود أكثر مما روي عن علي ومات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس المتوفى سنة ثمان وستين بالطائف فهو ترجمان القرآن وحبر الأمة ورئيس المفسرين دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " اللهم فقهه في الدين