قال عطاء طاعة الله والرسول اتباع الكتاب والسنة، وأولي الأمر، قال أولي الفقه والعلم، وعن أبي هريرة قال: أولو الأمر هم الأمراء وفي لفظ هم أمراء السرايا وقال جابر بن عبد الله: هم أهل العلم وعن مجاهد وأبي العالية نحوه.
وقد وردت أحاديث كثيرة في طاعة الأمراء ثابتة في الصحيحين وغيرهما مقيّدة بأن يكون ذلك في المعروف وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله.
ومن جملة ما استدل به المقلدة هذه الآية قالوا: وأولو الأمر هم العلماء، والجواب أن للمفسرين في تفسيرها قولين أحدهما أنهم الأمراء، والثاني أنهم العلماء كما تقدم ولا يمتنع إرادة الطائفتين من الآية الكريمة، ولكن أين هذا من الدلالة على مراد المقلدين فإنه لا طاعة لأحدهما إلا إذا أمروا بطاعة الله على وفق سنة رسوله وشريعته.
وأيضاً العلماء إنما أرشدوا غيرهم إلى ترك تقليدهم ونهوهم عن ذلك كما روي عن الأئمة الأربعة وغيرهم فطاعتهم ترك تقليدهم (١) ولو فرضنا أن في العلماء من يرشد الناس إلى التقليد ويرغبهم فيه لكان يرشد إلى معصية الله، ولا طاعة له بنص حديث من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(١) البخاري: ٨/ ١٩٠، ومسلم: ٣/ ١٤٦٥. قال الحافظ في " الفتح ": كذا ذكره -أي: البخاري- مختصراً، والمعنى: نزلت في قصة عبد الله بن حذافة، أي، المقصود منها في قصته قوله: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله) - الآية. قلت: وقصة حذافة بطولها رواها الإمام أحمد ٢/ ٦٢٢، والبخاري ١٣/ ١٠٩، ومسلم ٣/ ١٤٦٩ عن علي رضي الله عنه، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء فقال: اجمعوا لي حطباً، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا ناراً، فأوقدوا، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، قال: فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه، وطفئت النار، فلما رجعوا، ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف ".