وإلى فعل العبد مجازية، قال قتادة: حسنة أي نعمة وسيئة أي مصيبة (كل من عند الله) أي النعم والمصائب، وعن أبي العالية قال: إن تصبهم حسنة هذه في السراء والضراء (وما أصابك من حسنة) قال: هذه في الحسنات والسيآت.
وعن ابن عباس قال: الحسنة والسيئة من عند الله، أما الحسنة فأنعم بها عليك وأما السيئة فابتلاك بها، وما أصابك من سيئة قال: ما أصابه يوم أحد أن شجّ وجهه وكسرت رباعيّته.
وقد تعلّق بظاهر هذه الآية القدرية وقالوا نفى الله السيئة عن نفسه ونسبها إلى الإنسان ولا متعلّق لهم بها لأنه ليس المراد منها الكسب، بل ما يصيب الناس من النعم والمحن، ولو كانت على ما يقول أهل القدر لقال ما أصبت من حسنة وما أصبت من سيئة ولم يقل ما أصابك، وقال ابن الأنباري: الفعلان راجعان إلى الله يعني ما أصابك الله به من حسنة ومن سيئة.
(وأرسلناك للناس رسولاً) فيه البيان لعموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الجميع كما يفيده التأكيد بالصدر والعموم في الناس ومثله قوله (وما أرسلناك إلا كافة للناس)، وقوله (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) وفيه جلالة منصبه ومكانته عند الله وبيان بطلان زعمهم الفاسد في حقه بناء على جهلهم بشأنه الجليل.
(وكفى بالله شهيداً) على ذلك أو على أن الحسنة والسيئة منه، والأول أولى، والمعنى شهيداً على إرسالك للناس أو على تبليغك ما أرسلت به إلى الناس.