وقيل هما بمعنى التسليم وهو تحية أهل الإسلام أي لا تقولوا لمن ألقى إليكم التسليم فقال السلام عليكم لست مؤمناً، وإنما قلت هذا تقيّة لنفسك ومالك، والمراد نهي المسلمين عن أن يهملوا ما جاء به الكافر مما يستدل به على إسلامه ويقولوا إنه إنما جاء بذلك تعوذاً وتقيّة.
ومؤمناً من أمّنته إذا أجرته فهو مؤمّن، وقيل المعنى لست من أهل الإيمان.
وقد استدل بهذه الآية على أن من قتل كافراً بعد أن قال لا إله إلا الله قتل به لأنه قد عصم بهذه الكلمة دمه وماله وأهله، وإنما أسقط القتل عمن وقع منه ذلك في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهم تأولوا فظنوا أن من قالها خوفاً من السلاح لا يكون مسلماً ولا يصير بها دمه معصوماً، وأنه لا بد أن يقول هذه الكلمة وهو مطمئن غير خائف.
وفي حكم التكلم بكلمة الإسلام إظهار الإنقياد بأن يقول أنا مسلم أو أنا على دينكم، لما عرفت من أن معنى الآية الاستسلام والانقياد، وهو يحصل بكل ما يشعر بالإسلام من قول أو عمل، ومن جملة ذلك كلمة الشهادة وكلمة التسليم، فالقولان الآخران في معنى الآية داخلان تحت القول الأول.
وقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: لحق ناس من المسلمين رجلاً معه غنيمة له فقال السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته، فنزلت هذه الآية، وفي سبب النزول روايات كثيرة وهذا الذي ذكرناه أحسنها.
(تبتغون عرض الحياة الدنيا) أي لا تقولوا تلك المقالة طالبين الغنيمة، على أن يكون النهي راجعاً إلى القيد والقيد لا إلى القيد فقط، وسمي متاع الدنيا عرضاً لأنه عارض زائل غير ثابت.