قال القرطبي: والأول أصح إن شاء الله للحديث الصحيح في ذلك " إن بالمدينة رجالاً ما قطعتم وادياً ولا سرتم مسيراً إلا كانوا معكم أولئك قوم حبسهم العذر (١) " قال وفي هذا المعنى ما ورد في الخبر إذا مرض العبد قال الله تعالى اكتبوا لعبدي ما كان يعمله في الصحة إلى أن يبرأ أو أقبضه إلي.
وقد أخرج البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أملى عليه (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها علي فقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان أعمى، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وفخذه على فخذي (غير أولي الضرر) وأخرجه أيضاً سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه من حديث خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه.
وعن ابن عباس قال (غير أولي الضرر) المتخلفون عن بدر، والخارجون إلى بدر، وعنه قال: نزلت في قوم كانت تشغلهم أمراض وأوجاع فأنزل الله عذرهم من السماء، وعن أنس بن مالك قال: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم، ولقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء.
(وفضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة) هذا بيان لما بين الفريقين من التفاضل المفهوم من ذكر عدم الاستواء إجمالاً، والمراد هنا غير أولي الضرر حملاً للمطلق على المقيد.
وقال هنا (درجة) وقال فيما بعد (درجات) فقال قوم التفضيل بالدرجة ثم بالدرجات إنما هو مبالغة وبيان وتأكيد، وقال آخرون: فضّل الله