أمن الناس فقال لي عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال:" صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " أخرجه أحمد ومسلم وأهل السنن (١).
وظاهر قوله (فاقبلوا صدقته) أن القصر واجب، وظاهر هذا الشرط أعني (إن خفتم أن يفتنكم) أي يغتالكم ويقتلكم في الصلاة (الذين كفروا) أن القصر لا يجوز في السفر إلا مع خوف الفتنة من الكافرين لا مع الأمن، ولكنه قد تقرر بالسنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصر مع الأمن كما عرفت.
فالقصر مع الخوف ثابت بالكتاب، والقصر مع الأمن ثابت بالسنة، ومفهوم الشرط لا يقوى على معارضة ما تواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم من القصر مع الأمن.
وقد قيل إن الشرط خرج مخرج الغالب، لأن الغالب على المسلمين إذ ذاك القصر للخوف في الأسفار، ولهذا قال يعلى بن أمية لعمر كما تقدم.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن هذه الآية إنما هي مبيحة للقصر في السفر للخائف من العدو، فمن كان آمناً فلا قصر له، وإليه ذهب داود الظاهري.
وذهب آخرون إلى أن قوله (إن خفتم) ليس متصلاً بما قبله، وأن الكلام تم عند قوله (من الصلاة) ثم افتتح فقال (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) فأقم لهم يا محمد صلاة الخوف.