للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بينهما صلحا) أي في القسمة والنفقة، قال ابن عباس: فإن صالحته على بعض حقها جاز وإن أنكرت ذلك بعد الصلح كان ذلك لها، ولها حقها (والصلح) لفظ عام يقتضي أن الصلح الذي تسكن إليه النفوس ويزول به الخلاف (خير) على الإطلاق أو خير من الفرقة أو من الخصومة أو من النشوز والإعراض، وهذه الجملة اعتراضية قاله الزمخشري، واللام في الصلح للجنس أو للعهد.

قد أخرج الترمذي وحسّنه وابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال: خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل ونزلت هذه الآية (١)، قال ابن عباس: فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.

وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة أن سبب نزول الآية هو قصة سودة المذكورة، وأخرج البخاري وغيره عنها في الآية قالت: الرجل يكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول أجعلك من شأني في حلّ فنزلت هذه الآية، وقد ورد عن جماعة من الصحابة نحو هذا.

وثبت في الصحيحين من حديث عائشة قالت: لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم لها بيوم سودة.

(وأحضرت الأنفس الشحّ) أي شدة البخل، وهذا إخبار منه سبحانه بأن الشح في كل واحد منهما بل في كل الأنفس الإنسانية كائن، وأنه جعل كأنه حاضر لها لا يغيب عنها بحال من الأحوال، وأن ذلك بحكم الجِبلّة والطبيعة فالرجل يشح بما يلزمه للمرأة من حسن العشرة وحسن النفقة ونحو


(١) زاد المسير ٢١٧/ ٤٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>