قيل المراد بهؤلاء اليهود، فإنهم آمنوا بموسى والتوراة ثم كفروا بعبادتهم العجل ثم آمنوا به عند عوده إليهم، ثم كفروا بعيسى والإنجيل ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن، والمراد بازدياد الكفر أنهم استمروا على ذلك كما هو الظاهر من حالهم، وإلا فالكافر إذا آمن وأخلص إيمانه وأقلع عن الكفر فقد هداه الله السبيل الوجب للمغفرة، والإسلام يجب ما قبله، ولكن لما كان هذا مستبعداً منهم جداً كان غفران ذنوبهم وهدايتهم إلى سبيل الحق مستبعداً (١).
وعن قتادة قال: هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعن ابن زيد قال: هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين ثم كفروا مرتين ثم ازدادوا كفراً بعد ذلك بموتهم على الكفر، وذلك لأن من تكرر منه الإيمان والكفر بعد الإيمان مرات كثيرة دل على أنه لا وقع للإيمان في قلبه، ومن كان كذلك لا يكون مؤمناً بالله إيماناً كاملاً صحيحاً وازديادهم الكفر هو استهزاؤهم وتلاعبهم بالإيمان.
قال علي: لا تقبل توبته أي توبة مثل هذا المتلاعب، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن توبته مقبولة، وظاهر القرآن مع علي.
(١) قال ابن الجوزي: أنها في اليهود آمنوا بموسى، ثم كفروا بعد موسى، ثم آمنوا بعُزيْر، ثم كفروا بعده بعيسى، ثم ازدادوا كفراً بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، هذا قول ابن عباس. وروى عن قتادة قال: آمنوا بموسى، ثم كفروا بعبادة العجل، ثم آمنوا به بعد عوده، ثم كفروا بعده بعيسى، ثم ازدادوا كفراً بمحمد.