للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال قوم معنى الكلام لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول، لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء ظلماً وعدواناً وهو ظالم في ذلك، وهذا شأن كثير من الظلمة فإنهم مع ظلمهم يستطيلون بألسنتهم على من ظلموه وينالون من عرضه.

وقال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءاً فإنه ينبغي أن يأخذوا على يديه، وعن ابن عباس قال: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه، وإن يصبر فهو خير له.

وقد أخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من دعا على من ظلمه فقد انتصر (١)، وقد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: المتسابان ما قالاه فعلى الباديء منهما ما لم يعتد المظلوم (٢).

قال الحسن: هو الرجل يظلم الرجل فلا يدع عليه ولكن ليقل اللهم أعِني عليه اللهم استخرج لي حقي، اللهم حل بيني وبين ما يريد ونحوه من الدعاء.

وقيل نزلت في الضيف إذا نزل بقوم فلم يقروه فله أن يشكو ما صنع به، وبه قال مجاهد والأول أولى (٣).


(١) ضعيف الجامع/٥٥٨٨.
(٢) مسلم ٢٥٨٧.
(٣) ابن جرير ٩/ ٣٤٧ ونسبه السيوطي في " الدر " للفريابي وعبد بن حميد وجاء في " تفسير ابن كثير " ١/ ٥٧٠: قال ابن عباس في تفسير الآية: يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله. (إلا من ظلم) وإن صبر فهو خير له.
⦗٢٨٢⦘
وروى أبو داود [٢/ ١٥٧] عن عائشة قالت: سرق لها شيء، فجعلت تدعو عليه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسبخي عنه " (قال الخطابي: لا تسبخي عنه، أي: لا تخففي عنه بدعائك) وقال الحسن البصري: لا يدع عليه، وليقل: اللهم أعني عليه، واستخرج حقي منه. وقال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية: هو الرجل يشتمك فتشتمه لكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه، لقوله: " (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) وروى أبو داود [٤/ ٣٧٧]، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " المستبان ما قالا فعلى الباديء منهما ما لم يعتد المظلوم " [قلت: ورواه أحمد في المسند/١٩٤١٤ والبخاري في " الأدب المفرد " ١/ ٥١٢، ومسلم ٤/ ٢٠٠٠، والترمذي ٣/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>