للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيسى من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته، وقالت الملكانية وقع القتل والصلب على المسيح بكمال ناسوته ولاهوته، ولهم من جنس هذا الأختلاف كلام طويل لا أصل له ولهذا قال الله (وإن الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه) أيَ في تردد من قتله لا يخرج إلى حيّز الصحة ولا إلى حيز البطلان في اعتقادهم، بل هم مترددون مرتابون في شكهم يعمهون وفي جهلهم يتحيرون.

(ما لهم به من علم) من زائدة لتوكيد نفي العلم (إلا اتباع الظن) الاستثناء منقطع وهو الصحيح الذي لم يذكر الجمهور غيره، وهي لغة الحجاز أي لكنهم يتبعون الظن في قتله ولم يعرفوا حقيقة ذلك المقتول هل هو عيسى أو غيره، لأن الظن واتباعه ليس من جنس العلم الذي هو اليقين، إذ الظن الطرف الراجح، وقيل استثناء مما قبله والأول أولى.

قال أبو البقاء إنه متصل لأن العلم والظن يجمعهما مطلق الإدراك انتهى، لا يقال إن اتباع الظن ينافي الشك الذي أخبر الله عنهم بأنهم فيه لأن المراد هنا بالشك التردد كما قدمنا، والظن نوع منه، وليس المراد به هنا ترجح أحد الجانبين.

(وما قتلوه يقيناً) أي قتلاً يقيناً، وهذا على أن الضمير في قتلوه لعيسى، وقيل: إنه يعود إلى الظن، قاله ابن عباس، والمعنى ما قتلوا ظنهم يقيناً، قال أبو عبيدة: ولو كان المعنى وما قتلوا عيسى يقيناً لقال وما قتلوه فقط، وقيل إن المعنى وما قتلوا الذي شبه لهم، وقيل المعنى بل رفعه الله إليه يقيناً، وهو خطأ لأنه لا يعمل ما بعدى بل فيما قبلها.

وذكر السمين فيه خمسة أوجه ولا وجه لهذه الأقوال، والضمائر قبل قتلوه وبعده لعيسى، وذكر اليقين هنا لقصد التهكم بهم لإشعاره بعلمهم في الجملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>