وظاهر هذا أن ذبائح أهل الكتاب حلال وإن ذكر اليهودي على ذبيحته اسم عزير، وذكر النصراني على ذبيحته اسم المسيح، وإليه ذهب أبو الدرداء وعبادة ابن الصامت وابن عباس والزهري وربيعة والشعبي ومكحول.
وقال علي وعائشة وابن عمر: إذا سمعت الكتابي يسمي غير الله فلا تأكل، وهو قول طاوس والحسن وتمسكوا بقوله تعالى:(ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) ويدل عليه أيضاً قوله: (وما أهلّ به لغير الله).
وقال مالك: إنه يكره ولا يحرم، وسئل الشعبي وعطاء عنه فقالا يحل فإن الله قد أحل ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون.
فهذا الخلاف إذا علمنا أن أهل الكتاب ذكروا على ذبائحهم اسم غير الله، وأما مع عدم العلم فقد حكى الطبري وابن كثير الإجماع على حلها لهذه الآية، ولما ورد في السنة من أكله صلى الله عليه وآله وسلم من الشاة المصلية التي أهدتها إليه اليهودية وهو في الصحيح، وكذلك جراب الشحم الذي أخذه بعض الصحابة من خيبر وعلم بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الصحيح أيضاً وغير ذلك.
والمراد بأهل الكتاب هنا اليهود والنصارى، وقيل ومن دخل في دينهم من سائر الأمم قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأما من دخل بعده وهم متنصّرو العرب من بني تغلب فلا تحل ذبيحتهم، وبه قال علي وابن مسعود ومذهب الشافعي أن من دخل في دين أهل الكتاب بعد نزول القرآن فإنه لا تحل ذبيحته.
وسئل ابن عباس عن ذبائح نصارى العرب فقال لا بأس بها ثم قرأ (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) وبه قال الحسن وعطاء بن أبي رباح والشعبي