ولا شك أن من أمر غيره بأن يمسح رأسه كان ممتثلاً بفعل ما يصدق عليه مسمى المسح، وليس في لغة العرب ما يقتضي أنه لا بد في مثل هذا الفعل من مسح جميع الرأس، وهكذا سائر الأفعال المتعدية نحو اضرب زيد أو اطعنه أو ارجمه فإنه يوجد المعنى العربي بوقوع الضرب والطعن والرجم على عضو من أعضائه.
ولا يقول قائل من أهل اللغة أو من هو عالم بها: إنه لا يكون ضارباً إلا بإيقاع الضرب على كل جزء من أجزاء زيد، وكذلك الطعن والرجم وسائر الأفعال فاعرف هذا حتى يتبين لك ما هو الصواب من الأقوال في مسح الرأس.
فإن قلت يلزم مثل هذا في غسل الوجه واليدين والرجلين قلت ملتزم لولا البيان من السنة في الوجه والتحديد بالغاية في اليدين والرجلين بخلاف الرأس فإنه ورد في السنة مسح الكل ومسح البعض.
والفرض الرابع قوله (وأرجلكم) قرأ نافع وابن عامر والكسائي وحفص بنصب الأرجل وهي قراءة الحسن البصري والأعمش، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة بالجر، وقراءة النصب تدل على أنه يجب غسل الرجلين لأنها معطوفة على الوجه، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم والأئمة الأربعة وأصحابهم، وقراءة الجر تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الرجلين لأنها معطوفة على الرأس، وإليه ذهب ابن جرير الطبري وبه تعلق وهو مروي عن ابن عباس.
قال ابن العربي: واتفقت الأمة على وجوب غسلهما وما علمت من رد ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وقيل إنه منصوب في المعنى عطفاً على الأيدي المغسولة، وإنما خفض على الجوار، وهذا وإن كان