الخطاب وابن مسعود إلى أن الجنب لا يتيمم ألبتة بل يدع الصلاة حتى يجد الماء استدلالاً بهذه الآية، وذهب الجمهور إلى وجوب التيمم للجنابة مع عدم الماء، وهذه الآية هي للواجد على أن التطهر هو أعم من الحاصل بالماء أو بما هو عوض عنه مع عدمه وهو التراب.
وقد صح عن عمر وابن مسعود الرجوع إلى ما قاله الجمهور للأحاديث الصحيحة الواردة في تيمم الجنب مع عدم الماء. وقد تقدم تفسير الجنب في النساء، والمراد بالجنابة هي الحاصلة بدخول حشفة أو نزول مني، وهذا هو حقيقتها الشرعية، وانظر لِمَ لَمْ يجعلوها شاملة للحيض والنفاس مع أنه أفيد.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء يخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاثة غرفات بيديه ثم يفيض على سائر جسده، أخرجه الشيخان (١).
(وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه).
(١) روى مسلم ١/ ٢٠٩، وأبو داود ١/ ٨٠، والنسائي ١/ ٩٢، والترمذي ١/ ٧٨، وابن ماجه ١/ ١٥٩ عن عقب: بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً يحدث الناس، فأدركت من قوله: " ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين، مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة " فقلت: ما أجود هذه! فإذا قائل بين يدي يقول: التي قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر، قال: إن قد رأيتك جئت آنفاً، قال: " ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله وروسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " وزاد الترمذي بعد قوله " ورسوله " " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " وسندها حسن. وروى مالك ١/ ٣٢، ومسلم ١/ ٢١٥، والترمذي ١/ ٦ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء.