بالذكر والتذكير، لما أنه من أعظم النعم، ولأنها لو كانت دار الخلد لما دخلها إبليس وقيل أنها كانت في السماء السابعة بدليل (اهبطوا) ثم أن الأهباط الأول كان منها إلى السماء الدنيا، والثاني منها إلى الأرض، وقيل الكل ممكن والأدلة النقلية متعارضة فوجب التوقف وترك القطع، قاله أبو السعود.
قلت وقد استوعب الحافظ ابن القيم في كتابه حادي الأرواح إلى بلاد الأقراح دلائل الفريقين من غير تصريح برجحان أحد القولين والله تعالى أعلم.
(وكلا منها) أي اجمعا بين الإستقرار والأكل من رزق الجنة (رغداً) رغد العيش اتسع ولأن أي رزقاً واسعاً ليناً، وأرغد القوم أخصبوا الرغيدة الزبد (حيث شئتما) أي في أي مكان من الجنة شئتما، وسع الأمر عليهما إزاحة للعلة والعذر في التناول من الشجرة المنهى عنها من بين أشجارها التي لا تنحصر (ولا تقربا هذه الشجرة) يعني للأكل، والقرب الدنو.
قال الأصمعي: والنهي عن القرب فيه سد للذريعة وقطع للوسيلة ولهذا جاء به عوضاً عن الأكل، ولا يخفى أن النهي عن القرب لا يستلزم النهي عن الأكل لأنه قد يأكل من ثمرة الشجرة من هو بعيد عنها إذا حمل إليه، فالأولى أن يقال المنع من الأكل مستفاد من القام، والشجر ما كان له ساق من نبات الأرض وواحده شجرة.
واختلف أهل العلم في تعيين هذه الشجرة فقيل هي الكرم وقيل هي السنبلة قاله ابن عباس، وله عنه طريق صحيحة، وقيل التين، وقيل الحنطة، وقيل اللوز، وقيل النخلة، وقيل هي شجرة القلم، وقيل الكافور، وقيل الأترج، وقيل هي شبه البر وتسمى الدعة، وهذا مروي عن جماعة من الصحابة فمن بعدهم، وقيل عن جنس من الشجرة، وقيل ليس في ظاهر الكلام ما يدل على التبيين إذ لا حاجة إليه لأنه ليس المقصود تعرف عين تلك الشجرة وما لا يكون مقصوداً لا يجب بيانه.