للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضعها القُصاص ونفقت (١) عند من لا يميز بين الصحيح والسقيم، فكم في بطون دفاتر التفاسير من أكاذيب وبلايا وأقاصيص كلها حديث خرافة، وما أحق من لا تمييز عنده لفن الرواية ولا معرفة أن يدع التعرض لتفسير كتاب الله ويضع هذه الحماقات والأضحوكات في المواضع المناسبة لها من كتب القصاص، وهي في الخازن أيضاً عفا الله عنا وعنه.

(وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها) من غير صنع من قبلنا فإنه لا طاقة لنا بإخراجهم منها (فإن يخرجوا منها) بسبب من الأسباب التي لا تعلق لنا بها (فإنا داخلون) حينئذ، هذا تصريح بما هو مفهوم من الجملة التي قبل هذه الجملة لبيان أن امتناعهم من الدخول ليس إلا لهذا السبب.

وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس: أمر موسى أن يدخل مدينة الجبارين فسار بمن معه حتى نزل قريباً من المدينة وهي أريحاء فبعث إليهم اثني عشر عيناً (٢) من كل سبط منهم عين ليأتوه بخبر القوم فدخلوا المدينة فرأوا أمراً عظيماً من هيئتهم وجسمهم وعظمهم، فدخلوا حائطاً لبعضهم فجاء صاحب الحائط ليجني الثمار من حائطه فجعل يجني الثمار فنظر إلى آثارهم فتتبعهم، فكلما أصاب واحداً منهم أخذه فجعله في كمّه مع الفاكهة حتى التقط الاثني عشر كلهم فجعلهم في كمه مع الفاكهة وذهب إلى ملكهم فنثرهم بين يديه فقال الملك قد رأيتم شأننا وأمرنا اذهبوا فأخبروا صاحبكم، قال: فرجعوا إلى موسى فأخبروه بما عاينوه من أمرهم، فقال اكتموا عنا فجعل الرجل يخبر أباه وصديقه ويقول اكتم عني، فأشيع ذلك في عسكرهم ولم يكتم منهم إلا رجلان يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، وهما اللذان أنزل الله فيهما (قال رجلان من الذين يخافون)، وقد روى نحو هذا مما يتضمن المبالغة في وصف هؤلاء وعظم أجسامهم ولا فائدة في بسط ذلك فغالبه من أكاذيب القصاص كما قدمنا.


(١) راجت.
(٢) العين في الجيش وهو بمثابة رجل مخابرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>