ومن ذلك قول من قال في (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) إنه الحب والعشق، ومن ذلك قولهم في (ومن شر غاسق إذا وقب) إنه الذكر إذا قام، وقولهم في (من ذا الذي يشفع عنده) معناه من ذل أي من الذل وذي إشارة إلى النفس، ويشف من الشفاء جواب " من " و (ع) أمر من الوعي.
وسئل البلقيني عمن فسر بهذا فأفتى بأنه ملحد.
(قلت) وقد نبغت في هذا الزمان طائفة تفسر القرآن برأيها، وتحذف منه الآيات المتواليات تسمى بالنيفرية، وهم الذين أنكروا وجود الملائكة والجن والشياطين إلى غير ذلك، وقد عمت فتنتهم بلاد الهند الاسلامية، فرَّق الله جمعهم، وبدد شملهم وأنزل بهم بأسه الذي لا يرده عن القوم المجرمين.
وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير، قال ابن الصَّلاح في فتاواه: وجدت عن الإمام الواحدي أنه قال: صنف السلمي حقائق التفسير إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
قال النسفي في عقائده: النصوص تحمل على ظواهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحاد، وقال التفتازاني في شرحه: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها بل لها معان باطنة.
قال صاحب مفتاح السعادة: الإيمان بالقرآن هو التصديق بأنه كلام الله سبحانه قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبرائيل عليه السلام، وأنه دال على صفة أزلية له سبحانه، وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية مما هو مراد الله سبحانه حق لا ريب فيه، ثم تلك الدلالة على مراده سبحانه بواسطة القوانين الأدبية الموافقة للقواعد الشرعية والأحاديث النبوية مراد الله تعالى، وقد ثبت في الحديث أن لكل آية ظهراً وبطناً (١) وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد بل من أعطى فهماً وعلماً من لدنه تعالى يكون الضابط في صحته أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة عن الألفاظ بالقوانين العربية وأن لا يخالف القواعد الشرعية، ولا يباين إعجاز القرآن، ولا يناقض النصوص الواقعة
(١) أين هذا الحديث: من رواه؟ من أخرجه؟ لم نجده في أي كتاب لدينا.