اختصاص الحكم بهم أعم من أن يكون لهم أو عليهم كأنه قيل لأجل الذين هادوا، وإما للإيذان بنفعه للمحكوم عليه أيضاً بإسقاط التبعة عنه وإما للإشعار بكمال رضاهم به وانقيادهم له كأنه أمر نافع للفريقين، ففيه تعريض بالمحرفين وقيل للذين هادوا عليهم.
(والربانيون) العلماء الحكماء من ولد هرون الذين التزموا طريقة النبيين وجانبوا دين اليهود، وقال الحسن الفقهاء، وقال مجاهد هم فوق الأحبار، وقال الحسن الربانيون العباد والزهاد، وعن ابن عباس قال الربانيون هم المؤمنون، والأحبار هم القراء، وقد سبق تفسيره في آل عمران.
(والأحبار) العلماء مأخوذ من التحبير وهو التحسين فهم يحبّرون العلم أي يحسنونه، قال الجوهري: الحبر واحد أحبار اليهود بالفتح والكسر، والكسر أفصح، وقال الفراء إنما هو بالكسر وقال أبو عبيدة هو بالفتح.
(بما استحفظوا من كتاب الله) الباء للسببية ومن للبيان والمعنى أمروا بالحفظ أي أمرهم الأنبياء بحفظ التوراة عن التغيير والتبديل وإليه نحا الزمخشري أي يحكمون بها بسبب هذا الاستحفاظ فهم خلفاء ونواب في ذلك.
(وكانوا عليه) أي على كتاب الله وأنه حق (شهداء) أي رقباء يحمونه عن التغيير والتبديل بهذه المراقبة.
(فلا تخشوا الناس) يا رؤساء اليهود فتكتموا ما أنزلت من نعت محمد صلى الله عليه وآله وسلم والرجم وغيرهما (واخشون) في كتمان ذلك.
(ولا تشتروا) أي لا تستبدلوا (بآياتي ثمناً قليلاً) من الدنيا على أن تكتموا ما أنزلت، وقال ابن زيد لا تأكلوا السحت على كتابي يعني الرشوة وقد تقدم تحقيقه.
(ومن لم يحكم بما أنزل الله) لفظ " من " من صيغ العموم فيفيد أن هذا غير مختص بطائفة معينة بل لكل من ولي الحكم وهو الأولى وبه قال السدي،