وقيل المراد أن كل واحدة من الطائفتين توالي الأخرى وتعاضدها وتناصرها على عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعداوة ما جاء به وإن كانوا في ذات بينهم متعادين متضادين.
ووجه تعليل النهي بهذه الجملة أنها تقتضي أن هذه الموالاة هي شأن هؤلاء الكفار لا شأنكم فلا تفعلوا ما هو من فعلهم فتكونوا مثلهم، ولهذا عقب هذه الجملة التعليلية بما هو كالنتيجة لها فقال:
(ومن يتولهم منكم) أي ومن يتولى اليهود والنصارى دون المؤمنين (فإنه منهم) أي فإنه من جملتهم وفي عدادهم لأنه لا يوالي أحد أحداً إلا وهو عنه راض، فإذا رضي عنه رضي دينه فصار من أهل ملته، وهو وعيد شديد، فإن المعصية الموجبة للكفر هي التي قد بلغت إلى غاية ليس وراءها غاية.
قال أبو السعود: وفيه زجر شديد للمؤمنين عن إظهار صورة الموالاة لهم وإن لم تكن موالاة في الحقيقة انتهى، وهذا تعليم من الله تعالى وتشديد عظيم في مجانبة اليهود والنصارى وكل من خالف دين الإسلام وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(إن الله لا يهدي القوم الظالين) تعليل للجملة التي قبلها أي أن وقوعهم في الكفر هو بسبب عدم هدايته سبحانه لمن ظلم نفسه بما يوجب الكفر كمن يوالي الكافرين، قال حذيفة: ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر وتلا هذه الآية.
وعن أبي موسى قال: قلت لعمر بن الخطاب: إن لي كاتباً نصرانياً فقال: مالك وله قاتلك الله، ألا اتخذت حنيفاً يعني مسلماً، أما سمعت قول الله وتلا هذه الآية، قلت: له دينه ولي كتابته، فقال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أبعدهم الله، قلت: إنه لا يتم أمر البصرة إلا به فقال: مات النصراني والسلام، يعني هب أنه مات فما تصنع بعده فما تعمله بعد موته فاعمله الآن، واستغن عنه بغيره من المسلمين.