وأخواتها أجود، وإنما حملهم على ذلك الظن الفاسد أنهم كانوا يعتقدون أن كل رسول جاءهم بشرع آخر غير شرعهم يجب عليهم تكذيبه وقتله، فلهذا حسبوا أن لا يكون فعلهم ذلك فتنة يبتلون بها.
وقيل إنما أقدموا على ذلك لاعتقادهم أن آباءهم وأسلافهم يدفعون عنهم العذاب في الآخرة (فعموا) عن إبصار الهدى (وصموا) عن استماع الحق، وهذا إشارة إلى ما وقع من بني إسرائيل في الإبتداء من مخالفة أحكام التوراة وقتل شعيا وقيل سببه عبادتهم العجل في زمن موسى عليه السلام ولا يصح فإنها وإن كانت معصية عظيمة ناشئة عن كمال العمى والصمم لكنها في عصر موسى، ولا تعلق لها مما حكى عنهم مما فعلوا بالرسل الذين جاءوا إليهم بعد موسى عليه السلام.
(ثم تاب الله عليهم) حين تابوا ورجعوا عما كانوا عليه من الفساد بعد ما كانوا ببابل دهراً طويلا تحت قهر بختنصر أسارى في غاية الذل والمهانة فكشف عنهم الذلة والقحط.
(ثم عموا وصموا) وهذه إشارة إلى ما وقع منهم بعد التوبة من قتل يحيى بن زكريا وقصدهم لقتل عيسى، وقيل: بسبب الكفر بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم.
و (كثير منهم) بدل من الضمير قال الكرخي: هذا الإبدال في غاية البلاغة (والله بصير بما يعملون) من قتل الأنبياء وتكذيب الرسل فيجازيهم بحسب أعمالهم، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية ولرعاية الفواصل.