وأيضاً ففي كتاب حبقوق بيان ما قلنا وهو جاء الله من طور سيناء والقدس من جبل فاران لو انكشفت السماء من بهاء محمد وامتلأت الأرض من حمده يكون شعاع منظره مثل النور يحفظ بلده بعزه تسير المنايا أمامه، ويصحب سباع الطير أجناده قام فمسح الأرض وتأمل الأمم وبحث عنها فتضعضعت الجبال القديمة واتضعت الروابي الدهروية وتزعزعت ستور أهل مدين، ركبت الخيول وعلوت مراكب الانقياد والغوث وستنزع في قسيك اغراقاً ونزعاً وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء وتخور الأرض بالأنهار، ولقد رأتك الجبال فارتاعت وانحرف عنك شؤبوب السيل، ونفرت المهاري نفيراً ورعباً ورفعت أيديها وجلاً وفرقاً وتوقفت الشمس والقمر عن مجراهما، وسارت العساكر في برق سهامك ولمعان بيانك تدوخ الأرض غضباً، وتدوس الأمم زجراً لأنك ظهرت بخلاص أمتك، وانقاذ تراب ابائك، هكذا نقل عن ابن رزين الطبري.
أما النصارى فقال أبو الحسين رحمه الله تعالى في كتاب الغرر قد رأيت في نقولهم " وظهر من جبال فاران لقد تقطعت السماء من بهاء محمد الحمود وترتوي السهام بأمرك المحمود لأنك ظهرت بخلاص أمتك وانقاذ مسيحك ".
فظهر بما ذكرنا أن قوله تعالى في التوراة ظهر الرب من جبال فاران، ليس معناه ظهور النار منه بل معناه ظهور شخص موصوف بهذه الصفات، وما ذاك إلا رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
فإن قالوا المراد مجيء الله تعالى، ولهذا قال في آخر الكلام: وانقاذ مسيحك.
قلنا لا يجوز وصف الله تعالى بأنه يركب الخيول وبأن شعاع منظره مثل النور، وبأنه جاز المشاعر القديمة، وأما قوله: وانقاذ مسيحك فإن محمداً عليه السلام أنقذ المسيح من كذب اليهود والنصارى.
والرابع: ما جاء في كتاب شعيا في الفصل الثاني والعشرين منه " قومي