(ومن قتله منكم متعمداً) هو القاصد للشيء مع العلم بالإحرام، والمخطئ هو الذي يقصد شيئاً فيصيب صيداً، والناسي هو الذي يتعمد الصيد ولا يذكر إحرامه، وقد استدل ابن عباس وأحمد في رواية عنه وداود باقتصاره سبحانه على العامد بأنه لا كفارة على غيره بل لا تجب إلا عليه وحده، وبه قال سعيد بن جبير وطاوس وأبو ثور.
وقيل: إنها تلزم الكفارة المخطئ والناسي كما تلزم المتعمد، وجعلوا قيد التعمد خارجاً مخرج الغالب، وهو مروي عن عمر والحسن والنخعي والزهري، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة. وأصحابهم، وروي عن ابن عباس، وقيل: إنه يجب التكفير على العامد الناسي لإحرامه وبه قال مجاهد، قال: فإن كان ذاكراً لإحرامه فقد حل ولا حج له لارتكابه محظور إحرامه فبطل عليه كما لو تكلم في الصلاة أو أحدث فيها.
(فجزاء) أي فعليه جزاء (مثل ما قتل من المنعم) بيان للجزاء المماثل قيل المراد المماثلة في القيمة وقيل في الخلقة، وقد ذهب إلى الأول أبو حنيفة، وذهب إلى الثاني مالك والشافعي وأحمد والجمهور من الصحابة ومن بعدهم وهو الحق. لأن البيان للماثل بالمنعم يفيد ذلك وكذلك يفيده هدياً بالغ الكعبة.
وروي عن أبي حنيفة أنه يجوز إخراج القيمة ولو وجد المثل، وأن المحرم مخير. وللسلف في تقدير الجزاء المماثل وتقدير القيمة أقوال مبسوطة في مواطنها، وفي قراءة بإضافة جزاء، قال الواحدي: ولا ينبغي إضافة الجزاء إلى المثل لأن عليه جزاء المقتول لا جزاء مثله، فإنه لا جزاء عليه لما لم يقتله، وقد أجاب الناس عنها بأجوبة سديدة، ذكرها السمين.
(يحكم به) أي بالجزاء وبمثل ما قتل (ذوا عدل منكم) أي رجلان معروفان بالعدالة بين المسلمين لهما فطنة يميزان بها أشبه الأشياء به، وقد حكم ابن عباس وعمر وعلي في النعامة ببدنةٍ، وابن عباس وأبو عبيدة في بقر الوحش