سيرين ومجاهد وقتادة والسدي والثوري وأبو عبيد وأحمد بن حنبل، وذهب إلى الأول أعني تفسير ضمير منكم بالقرابة أو العشيرة وتفسير غيركم بالأجانب: الزهري والحسن وعكرمة، وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم من الفقهاء إلى أن الآية منسوخة، واحتجوا بقوله:(ممن ترضون من الشهداء) وقوله: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) والكفار ليسوا بمرضيين ولا عدول.
وخالفهم الجمهور فقالوا: الآية محكمة وهو الحق لعدم وجود دليل صحيح يدل على النسخ، وأما قوله تعالى:(ممن ترضون من الشهداء) وقوله: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) فهما علمان في الأشخاص والأزمان والأحوال، وهذه الآية خاصة بحالة الضرب في الأرض وبالوصية وبحالة عدم الشهود المسلمين، ولا تعارض بين خاص وعام.
(إن أنتم ضربتم في الأرض) الضرب في الأرض هو السفر أي إن سافرتم فيها، قال السمين قوله: إن أنتم قيد في قوله: (أو آخران) وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب ولو جرى على لفظ إذا حضر أحدكم الموت لكان التركيب هكذا إن هو ضرب في الأرض فأصابته.
(فأصابتكم مصيبة الموت) أي فنزل بكم أسباب الموت وقاربكم الأجل وأردتم الوصية حينئذ ولم تجدوا شهوداً عليها من المسلمين فأوصيتم إليهما ودفعتم مالكم إليها ثم ذهبا إلى ورثتكم بوصيتكم وبما تركتم فارتابوا في أمرهما وادعوا عليهما خيانة فالحكم فيه أنكم (تحسبونهما) وتوقفونهما، ويجوز أن يكون استئنافاً كأنهم قالوا فكيف نصنع إن ارتبنا في الشهادة فقال تحبسونهما.
(من بعد الصلاة) إن ارتبتم في شهادتهما وهي صلاة العصر، قاله الأكثر، لكونه الوقت الذي يغضب الله على من حلف فيه فاجراً كما في الحديث الصحيح، وعدم تعيينها في الآية لتعينها عندهم للتحليف بعدها قيل وجميع أهل الأديان يعظمون ذلك الوقت ويجتنبون فيه الحلف الكاذب، وقيل لكونه وقت اجتماع الناس وقعود الحكام للحكومة، وقيل لأنه وقت تصادم ملائكة