وهو معطوف على قوله أن يأتوا فيكون الفائدة في شرع الله سبحانه لهذا الحكم هي أحد الأمرين إما احتراز شهود الوصية عن الكذب والخيانة فيأتون بالشهادة على وجهها أو يخافون الافتضاح إذا ردت الأيمان على قرابة الميت فحلفوا بما يتضمن كذبهم أو خيانتهم فيكون ذلك سبباً لتأدية شهادة شهود الوصية على وجهها من غير كذب ولا خيانة.
وقال أبو السعود: معطوف على مقدر ينبيء عنه المقام كأنه قيل ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ويخافوا عذاب الآخرة بسبب اليمين الكاذبة أو يخافوا الافتضاح برد اليمين، فأي الخوفين وقع حصل المقصود الذي هو الإتيان بالشهادة على وجهها (واتقوا الله) في مخالفة أحكامه وأن تحلفوا أيماناً كاذبة أو تخونوا أمانة (واسمعوا) سمع قبول واجابة أو المواعظ والزواجر (والله لا يهدي القوم الفاسقين) الخارجين عن طاعته بأي ذنب ومنه الكذب في اليمين أو في الشهادة، وهذا تهديد وتخويف لمن خالف حكم الله وخان أمانته أو حلف يميناً كاذبة.
قال الخازن: وهذه الآية الكريمة من أصعب ما في القرآن من الآيات نظماً وإعراباً وحكماً انتهى وقد سهلنا هذا الصعب بتيسيره سبحانه وتعالى.
وحاصل ما تضمنه هذا القام من الكتاب العزيز إن من حضرته علامات الموت أشهد على وصيته عدلين من عدول المسلمين، فإن لم يجد شهوداً مسلمين وكان في سفر ووجد كفاراً جاز له أن يشهد رجلين منهم على وصيته، فإن ارتاب بهما ورثة الموصي حلفا بالله على أنهما شهدا بالحق وما كتما من الشهادة شيئاً ولا خانا مما ترك الميت شيئاً، فإن تبين بعد ذلك خلاف ما أقسما عليه في خلل في الشهادة أو ظهور شيء من تركة الميت وزعما أنه قد صار في ملكهما بوجه من الوجوه حلف رجلان من الورثة وعمل بذلك.