أنت أعلم به منا، وقيل إنهم ذهلوا عما أجاب به قومهم لهول المحشر، عن مجاهد قال يفزعون فيقولون لا علم لنا فترد إليهم أفئدتهم فيعلمون، وعن السدي في الآية قال ذلك أنهم نزلوا منزلاً ذهلت فيه العقول فلما سئلوا قالوا لا علم لنا ثم نزلوا منزلاً آخر فشهدوا على قومهم، وهذا فيه ضعف ونظر، لأن الله تعالى قال في حق الأنبياء لا يحزنهم الفزع الأكبر (١).
وعن ابن عباس قال: قالوا لا علم لنا فرقاً تذهل عقولهم، ثم يرد الله إليهم عقولهم فيكونوا هم الذين يسئلون لقول الله فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين.
(إنك أنت علام الغيوب) يعني أنك تعلم ما غاب عنا من باطن الأمور، ونحن نعلم ما نشاهد ولا نعلم ما في البواطن ليس تخفى عليك خافية، وبناء فعال للتكثير، وفيه جواز إطلاق العلام على الله تعالى.
(١) قال القرطبي: هذا في أكثر مواطن القيامة، ففي الخبر " إن جهنم إذا جِيءَ بها زفرت زفرة فلا يبقى نبيّ ولا صدّيق إلا جثا لركبتيه " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خوفني جبريل يوم القيامة حتى أبكاني فقلت يا جبريل ألم يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر؟ فقال لي يا محمد لتشهدنّ من هَوْل ذلك اليوم ما ينسيك المغفرة ".