تشكوا في قدرة الله أنهم ادعوا الإيمان والإسلام دعوى باطلة، ويرده أن الحواريين هم خلصاء عيسى وأنصاره كما قال:(من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله).
وبهذا يظهر أن قول الزمخشري: إنهم ليسوا مؤمنين ليس بجيد، وكأنه خرق للإجماع قال ابن عطية: ولا خلاف أحفظه في أنهم كانوا مؤمنين، وقيل إن ذلك صدر ممن كان معهم وقيل، إنهم لم يشكوا في استطاعة الباري سبحانه فإنهم كانوا مؤمنين عارفين بذلك، وإنما هو كقول الرجل هل يستطيع فلان أن يأتي مع علمه بأنه يستطيع ذلك ويقدر عليه، فالمعنى هل يفعل ذلك وهل يجيب إليه، وقيل: إنهم طلبوا الطمأنينة كما قال إبراهيم عليه السلام رب أرني كيف تحيي الموتى الآية، ويدل على هذا قولهم من بعد وتطمئن قلوبنا.
وأما على القراءة الأولى فالمعنى هل تستطيع أن تسأل ربك قال الزجاج: المعنى هل تستدعي طاعة ربك فيما تسأله، فهو من باب واسأل القرية.
عن عائشة قالت: كان الحواريون أعلم بالله من أن يقولوا هل يستطيع ربك فإنما قالوا هل تستطيع أنت ربك أن تدعوه، ويؤيد هذا ما أخرجه الحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه عن معاذ بن جبل أنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تستطيع ربك بالتاء يعني بالفوقية وعن ابن عباس أنه قرأها كذلك وبه قرأ علي وسعيد بن جبير ومجاهد.
(أن ينزل علينا مائدة من السماء) المائدة الخوان إذا كان عليه الطعام فإن لم يكن عليه طعام فليس بمائدة هذا هو المشهور إلا أن الراغب قال المائدة الطبق الذي عليه الطعام وتقال أيضاً للطعام إلا أن هذا مخالف لما عليه المعظم، وهذه المسألة لها نظائر في اللغة، لا يقال للخوان مائدة إلا وعليه الطعام وإلا فهو خوان، ولا يقال كاس إلا وفيها خمر وإلا فهي قدح، ولا