اتخاذهما إلهين تشريك لهما معك في الألوهية لا إفرادهما بذلك إذ لا شبهة في ألوهيتك وأنت منزه عن الشريك فضلاً أن يتخذ إلهان دونك على ما يشعر به ظاهر العبادة نبه عليه السعد التفتازاني.
(ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق) أي ما ينبغي لي أن أدعي لنفسي ما ليس من حقها وقيل التقدير ما ليس يثبت لي بسبب حق، وقيل ما ليس مستحقاً لي، وعلى هذا الباء زائدة.
ورد ذلك إلى علمه سبحانه فقال:(إن كنت قلته فقد علمته) وهذا هو غاية الأدب وإظهار المسكنة لعظمة الله تعالى وتفويض الأمر إلى علمه، وقد علم أنه لم يقله فثبت بذلك عدم القول به، وقيل التقدير أن تصح دعواي لما ذكر، وقدره الفارسي بقوله: إن أكن الآن قلته فيما مضى فقد تبين وظهر علمك به.
(تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) هذه الجملة في حكم التعليل لما قبلها أي تعلم معلومي ولا أعلم معلومك، وقال ابن عباس: المعنى تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك، وقيل تعلم ما أخفيه ولا أعلم ما تخفيه، وقيل تعلم ما أريد ولا أعلم ما تريد، وقيل تعلم ما كان مني في دار الدنيا ولا أعلم ما يكون منك في دار الآخرة وقيل تعلم ما أقول وأفعل ولا أعلم ما تقول وتفعل.
وهذا الكلام من باب المشاكلة والمقابلة والإزدواج كما هو معروف عند علماء المعاني والبيان، وعليه حام الزمخشري، والنفس عبارة عن ذات الشيء يقال نفس الشيء وذاته بمعنى واحد، وقال الزجاج: النفس عبارة عن جملة الشيء وحقيقته يقول تعلم جميع حقيقة أمري ولا أعلم حقيقة أمرك، والأول أولى، وفيه دلالة على إطلاق لفظ النفس عليه سبحانه (إنك أنت علام الغيوب) تعلم ما كان وما سيكون وهذا تأكيد لما قبله.