للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذا قال سيبويه في هذا النداء وأمثاله كقولهم يا للعجب ويا للرجال، وقيل هو تنبيه للناس على عظم ما يحل بهم من الحسرة كأنهم قالوا يا أيها الناس تنبهوا على ما نزل بنا من الحسرة، والحسرة الندم الشديد والتلهف والتحسر على الشيء الفائت والمراد تنبيه المخاطبين على وقوع الحسرة بهم.

(على ما فرطنا فيها) أي على تفريطنا في الساعة أي في الاعتداد لها والاحتفال بشأنها والتصديق بها، ومعنى فرطنا ضيعنا وأصله التقدم يقال فرط فلان أي تقدم وسبق إلى الماء ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " وأنا فرطكم على الحوض " (١) ومنه الفارط أي المتقدم فكأنهم أرادوا بقولهم على ما قدمنا من عجزنا عن التصديق بالساعة والاعتداد لها وقيل التفريط، التقصير في الشيء مع القدرة على فعله.

وقال ابن جرير الطبري: إن الضمير في فرطنا فيها يرجع إلى الصفقة وذلك أنهم لما تبين لهم خسران صفقتهم ببيعهم الإيمان بالكفر والدنيا بالآخرة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا في صفقتنا وإن لم تذكر في الكلام فهو دال عليها لأن الخسران لا يكون إلا فيها وقيل الضمير راجع إلى الحياة أي على ما فرطنا في حياتنا وقيل إلى الدنيا لأنها موضع التفريط في الأعمال الصالحة.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله يا حسرتنا قال: " الحسرة أن يرى أهل النار منازلهم من الجنة فتلك الحسرة ".

(وهم يحملون أوزارهم) أي يقولون تلك المقالة والحال أنهم يحملون ذنوبهم وأثقال خطاياهم. والأوزار جمع وزر، يقال وزر يزر فهو وازر وموزور، وأصله من الوزر، قال أبو عبيدة: يقال للرجل إذا بسط ثوبه فجعل فيها


(١) النسائي كتاب الطهارة باب ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>