والمعيشة والصحة وأعجبوا بذلك وظنوا أنهم إنما أعطوه لكون كفرهم الذي هم عليه حقاً وصواباً. وهذا فرح بطر وأشر كما فرح قارون لما أوتي من الدنيا (أخذناهم بغتة) وهم غير مترقبين لذلك والبغتة الأخذ على غرة من غير تقدمة أمارة وهي مصدر في موضع الحال لا يقاس عليه غيره عند سيبويه.
قال محمد بن النصر الحارثي: أمهلوا عشرين سنة ولا يخفى أن هذا مخالف لمعنى البغتة لغة ومحتاج إلى نقل عن الشارع، وإلا فهو كلام لا طائل تحته، قال الحسن مكر بالقوم ورب الكعبة، وقال أهل المعاني: إنما أخذوا في حال الرخاء والسلامة ليكون أشد لتحسرهم على ما فاتهم من حال العافية والتصرف في ضروب اللذة فأخذناهم في آمن ما كانوا، وأعجب ما كانت الدنيا إليهم.
(فإذا) هي الفجائية قال سيبويه إنها ظرف مكان، وقال جماعة منهم الراسي إنها ظرف زمان ومذهب الكوفيين أنها حرف (هم مبلسون) أي مهلكون في مكان إقامتهم أو في زمانها قاله السدي، والمبلس الحزين الآيس من الخير لشدة ما نزل به من سوء الحال ومن ذلك اشتق اسم إبليس يقال أبلس الرجل إذا سكت وأبلست الناقة إذا لم ترع.
والمعنى فإذا هم محزونون متحيرون آيسون من الفرح، قال ابن زيد: المبلس المجهود الكروب الذي قد نزل به الشر الذي لا يدفعه، والمبلس أشد من المستكين وقال الفراء: هو اليائس المنقطع رجاؤه، وقال أبو عبيدة: هو النادم الحزين، والإبلاس هو الإطراق من الحزن والندم.
وعن عقب: بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته فإنما ذلك استدراج "(١) ثم تلا يعني هذه الآية ذكره البغوي بلا سند، وأسنده الطبري وغيره.