إليهما بعد تأويلهما بالعبادة، وقيل رجع إلى المصدر المفهوم من قوله (واستعينوا) وهو الاستعانة وقيل رجع إلى جميع الأمور التي نهى عنها بنو إسرائيل، والأول هو الظاهر الجاري على قاعدة كون الضمير للأقرب، والكبيرة التي يكبر أمرها ويتعاظم شأنها على حاملها لما يجده عند تحملها والقيام بها من المشقة ومنه (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه).
(إلا) استثناء مفرغ وشرطه أن يسبق بنفي فيؤول الكلام هنا بالنفي أي أنها لا تخف ولا تسهل إلا.
(على الخاشعين) يعني المؤمنين، وقيل الخائقين، وقيل المطيعين المتواضعين لله، والخاشع هو المتواضع، قال في الكشاف الخشوع هو الإخبات والتطامن، فاللين والإنقياد انتهى.
وقال الزجاج الخاشع الذي يرى أثر الذل والخشوع عليه، وخشعت الأصوات أي سكنت، وخشع ببصره إذا غضه، وقال سفيان الثوري سألت الأعمش عن الخشوع فقال يا ثوري أنت تريد أن تكون إماماً للناس ولا تعرف الخشوع، ليس الخشوع بأكل الخشن ولبس الخشن وتطأطىء الرأس لكن الخشوع أن ترى الشريف والدنيء في الحق سواء، وتخشع لله في. وأما الخضوع كل فرض افترض عليك انتهى.
وما أحسن ما قاله بعض المحققين في بيان ماهيته أنه هيئة في النفس يظهر منها في الجوارح سكون وتواضع، واستثنى سبحانه الخاشعين مع كونهم باعتبار استعمال جوارحهم في الصلاة وملازمتهم لوظائف الخشوع الذي هو روح الصلاة وأتعابهم لأنفسهم اتعاباً عظيماً في الأسباب الموجبة للحضور والخضوع لأنهم لما يعلمونه من تضاعف الأجر وتوفر الجزاء والظفر بما وعد الله به من عظيم الثواب تسهل عليهم تلك المتاعب، ويتذلل لهم ما يركبونه من