وبصيرة، وهذا تحقيق للحق الذي هو عليه إثر إبطال الباطل الذي هم عليه، أمره الله سبحانه بأن يبين لهم أن ما هو عليه من عبادة ربه هو عن حجة برهانية يقينية لا كما هم عليه من إتباع الشبه الداحضة والشكوك الفاسدة التي لا مستند لها إلا مجرد الأهوية الباطلة.
(وكذبتم به) أي بالرب أو بالعذاب أو بالقرآن أو بالبينة، وتذكير الضمير باعتبار المعنى، وهذه الجملة إما حالية بتقدير قد أي والحال أن قد كذبتم به أو جملة مستأنفة مبنية لما هم عليه من التكذيب بما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجج الواضحة والبراهين البينة.
(ما عندي ما تستعجلون به) أخبرهم بأنه لم يكن عنده ما يتعجلون به من العذاب فإنهم كانوا لفرط تكذيبهم يستعجلون نزوله استهزاء نحو قولهم:
(أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً) وقولهم: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) وقولهم: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) وقيل كانوا يستعجلون بالآيات التي اقترحوها وطلبوها وقيل كانوا يستعجلون بقيام الساعة ومنه قوله تعالى: (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها).
(إن) أي ما (الحكم) في شيء (إلا لله) سبحانه وحده ليس معه حاكم، ومن ذلك ما تستعجلون به من العذاب أو الآيات المقترحة والمراد الحكم الفاصل بين الحق والباطل (يقص) هو من القصص أي يقص القصص (الحق) أو من قص أثره أي يتبع الحق فيما يحكم به، وقرئ يقضي بالضاد المعجمة والياء من القضاء أي يقضي القضاء الحق بين عباده (وهو خير الفاصلين) بين الحق والباطل بما يقضي به بين عباده ويفصله لهم في كتابه.