من شيء (مبارك) كثير البركة والخير دائم النفع، وأصل البركة النماء والزيادة (مصدق) أي كثير التصديق (الذي بين يديه) أي ما أنزله الله من الكتب من السماء على الأنبياء من قبله كالتوراة والإنجيل، فإنه يوافقها في الدعوة إلى الله وإلى توحيده وإن خالفها في بعض الأحكام.
(ولتنذر أم القرى) خصها وهي مكة لكونها أعظم القرى شأناً، ولكونها أول بيت وضع للناس، ولكونها قبلة هذه الأمة ومحل حجهم، قال قتادة: بلغني أن الأرض دحيت من مكة ولهذا سميت بأم القرى وقيل لأنها سرة الأرض، والمراد بإنذارها إنذار أهلها وهو مستتبع لإنذار سائر أهل الأرض فهو على تقدير مضاف محذوف.
(ومن حولها) يعني جميع البلاد والقرى شرقاً وغرباً، وفيه دليل على عموم رسالته - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل الأرض كافة.
(والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به) أي أن من حق من صدق بالدار الآخرة أن يؤمن بهذا الكتاب ويصدقه ويعمل بما فيه، لأن التصديق بالآخرة يوجب قبول من دعا الناس إلى ما ينال به خيرها ويندفع بها ضرها.
(وهم على صلاتهم يحافظون) خص المحافظة على الصلاة من بين سائر الواجبات لكونها عمادها وبمنزلة الرأس لها، وكونها أشرف العبادات بعد الإيمان بالله تعالى، فإذا كان العبد محافظاً عليها حافظ على جميع العبادات والطاعات، والمعنى يداومون عليها في أوقاتها، والحاصل أن الإيمان بالآخرة يحمل على الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك يحمل على المحافظة على الصلاة.