الكشاف أصله في سام السلعة إذا طلبها كأنه بمعنى يبيعونكم سوء العذاب ويريدونكم عليه، انتهى.
(سوء العذاب) أي أشده وأسوأه وأفظعه، وإن كان كله سيئاً، والسوء كل ما يغم الإنسان من أمر دنيوي أو أخروي.
(يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم) الذبح في الأصل الشق وهو فري أوداج المذبوح، قيل ذبحوا منهم أثني عشر ألفا، وقيل سبعين ألفا، وهل نساء جمع نسوة أو جمع امرأة من حيث المعنى قولان، والمراد يتركون نساءكم أحياء ليستخدموهن ويمتهنوهن، وأنما أمر بذبح الأبناء واستحياء النساء لأن الكهنة أخبروه بأنه يولد مولود يكون هلاكه على يده، وعبر عن البنات باسم النساء لأنه جنس يصدق عليهن، وقالت طائفة أنه أمر بذبح الرجال واستدلوا بقوله نساءكم والأول أصح بشهادة السبب، ولا يخفى ما في قتل الأبناء واستحياء البنات للخدمة ونحوها من انزال الذل بهم وإلصاق الإهانة الشديدة بجميعهم لما في ذلك من العار.
والإشارة بقوله (وفي ذلكم) إلى جملة الأمر من الإنجاء والذبح، قاله ابن عطية.
(بلاء من ربكم عظيم) أي اختيار وامتحان، والبلاء يطلق تارة على الخير وتارة على الشر، فإن أريد به هنا الشر، كانت الإشارة إلى ما حل بهم من النقمة بالذبح ونحوه، وإن أريد به الخير كانت الإشارة إلى النعمة التي أنعم الله عليهم بالإنجاء وما هو مذكور قبله من تفضيلهم على العالمين، وقد اختلف السلف ومن بعدهم في مرجع الإشارة فرجح الجمهور الأول ورجح الآخرون الآخر، قال ابن كيسان أبلاه وبلاه في الخير والشر، وقيل الأكثر في الخير أبليته وفي الشر بلوته، وفي الاختبار ابتليته وبلوته قاله النحاس، استدل به بعض من يقول بالتناسخ وقال إن القوم كانوا هم بأعيانهم، فلما تطاولت عليهم مدة التلاشي والبلى نسوا فذكروا، قال الكرماني وهذا محال وجهل بكلام