للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن حنبل وبه قال أبو ثور وداود الظاهري أن ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح حرام من غير فرق بين العامد والناسي لهذه الآية، ولقوله تعالى في آية الصيد: (فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) ويزيد هذا الاستدلال تأكيداً قوله سبحانه في هذه الآية (وإنه لفسق).

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة الأمر بالتسمية في الصيد وغيره، وذهب الشافعي وأصحابه وهو رواية عن مالك وعن أحمد أن التسمية مستحبة لا واجبة وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وعطاء بن أبي رياح، وحمل الشافعي الآية على من ذبح لغير الله، وهو تخصيص للآية بغير مخصص، وقد روى أبو داود في المراسيل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ذبيحة المسلم حلال ذكر الله أو لم يذكر " (١) وليس في هذا المرسل ما يصلح لتخصيص الآية.

نعم حديث عائشة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قوماً يأتوننا بلحمان لا ندري ذكر اسم الله عليه أم لا فقال: " سموا أنتم وكلوا " (٢)، يفيد أن التسمية عند الأكل يجزى مع التباس وقوعها عند الذبح، وذهب مالك وأحمد في المشهور عنهما وأبو حنيفة وأصحابه وإسحق بن راهويه أن التسمية إن تركت نسياناً لم يضر، وإن تركت عمداً لم يحل أكل الذبيحة، وهو مروي عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب وعطاء وطاووس والحسن البصري وأبى مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى وجعفر بن محمد وربيعة.

واستدلوا بما أخرجه البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " المسلم إن نسي أن يسمي حين يذبح فليذكر اسم الله وليأكله " (٣)، وهذا الحديث رفعه خطأ، وإنما هو من قول ابن عباس.


(١) ضعيف الجامع الصغير ٣٠٣٩.
(٢) ابن كثير ٢/ ١٦٩.
(٣) ابن كثير ٢/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>