ابتداء الإسلام ثم صار منسوخاً بإيجاب العشر، واختاره الطبري وصححه واختار الأول الواحدي والرازي، وقيل المعنى وآتوا حقه الذي وجب يوم حصاده بعد التصفية.
ثم إنهم تبادروا وأسرفوا فأنزل الله (ولا تسرفوا) أي في التصدق بإعطاء كله، وأصل الإسراف في اللغة الخطأ والإسراف في النفقة التبذير، وقال سفيان: ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف وإن كان قليلاً، قال السدي: معناه لا تعطوا أموالكم وتقعدوا فقراء.
قال الزجاج: وعلى هذا لو أعطى الإنسان كل ماله ولم يوصل إلى عياله شيئاً فقد أسرف، لأنه قد صح في الحديث ابدأ بمن تعول، وقال سعيد بن المسيب: معناه لا تمنعوا الصدقة أي لا تجاوزوا الحد في البخل والإمساك حتى تمنعوا الواجب من الصدقة.
وعلى هذين القولين المراد بالإسراف مجاوزة الحد إلا أن الأول في البذل والإعطاء، والثاني في الإمساك والبخل، وقال مقاتل: معناه لا تشركوا الأصنام في الحرث والأنعام، وقال الزهري: لا تنفقوا في معصية الله، وقال ابن زيد: هو خطاب للولاة يقول لهم لا تأخذوا فوق حقكم من رب المال، وقيل المعنى لا تأخذوا الشيء بغير حقه وتضعونه في غير مستحقه.
(إنه لا يحب المسرفين) اعتراض وفيه وعيد وزجر عن الإسراف في كل شيء لأن من لا يحبه الله فهو من أهل النار، وعن ابن جريج قال: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جد نخلا فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته فأطعم حتى أمسى وليس له تمرة فأنزل الله هذه الآية وعن مجاهد قال: لو أنفقت مثل أبي قيس ذهباً في طاعة الله لم يكن إسرافاً ولو أنفقت صاعاً في معصية الله كان إسرافاً، وللسلف في هذا مقالات طويلة.