خلقناكم من ظهر آدم ثم صورناكم حين أخذنا عليكم الميثاق، قال النحاس وهذا أحسن الأقوال.
قال أبو السعود: وإنما نسب الخلق والتصوير إلى المخاطبين مع أن المراد خلق آدم وتصويره إعطاء لمقام الامتنان حقه وتأكيداً لوجوب الشكر عليهم بالرمز إلى أن لهم حظاً من خلقه وتصويره لأنهما من الأمور السارية إلى ذريته جميعاً.
وقال القاري: نزل خلقه منزلة خلق الكل وتصويرهم لأنه أبو البشر، وقيل المعنى ولقد خلقنا الأرواح أولاً ثم صورنا الأشباح.
(ثم) أي بعد إكمال خلقه، وفي السمين اختلف الناس في (ثم) في هذين الموضعين فمنهم من لم يلتزم فيها ترتيباً وجعلها بمنزلة الواو. ومنهم من قال هي للترتيب في الأخبار لا في الزمان، ولا طائل تحت هذا، ومنهم من قال هي للترتيب الزماني، وهذا هو موضوعها الأصلي ومنهم من قال الأولى للترتيب الزماني والثانية للترتيب الإخباري انتهى.
(قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) أي أمرناهم بذلك فامتثلوا الأمر (فسجدوا) أي فعلوا السجود بعد الأمر قبل دخول الجنة وكان السجود يوم الجمعة من وقت الزوال إلى العصر، وأول من سجد جبريل، ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم عزرائيل ثم الملائكة المقربون.
(إلا إبليس) قيل الاستثناء متصل بتغليب الملائكة على إبليس لأنه كان منفرداً بينهم، أو كما قيل إن من الملائكة جنساً يقال لهم الجن وقيل غير ذلك، وقد تقدم تحقيقه في البقرة (لم يكن من الساجدين) جملة مبينة لما فهم من معنى الاستثناء ومن جعل الاستثناء منقطعاً قال معناه لكن إبليس لم يكن من الساجدين لآدم عليه السلام.