واختلفوا في اللباس فقيل الظفر وقيل النور وقيل التقوى، وقيل كان من ثياب الجنة، وهذا أقرب لأن إطلاق اللباس ينصرف إليه، ولأن النزع لا يكون إلا بعد اللبس.
(ليريهما سؤآتهما) اللام لام كي وقد تقدم تفسيره أيضاً، والضمير في (إنه) فيه وجهان الظاهر منهما أنه للشيطان، والثاني أن يكون ضمير الشأن، وبه قال الزمخشري ولا حاجة تدعو إلى ذلك.
(يراكم هو وقبيله) هذه الجملة تعليل لما قبلها مع ما يتضمنه من المبالغة في تحذيرهم منه، لأن من كان بهذه المثابة كان عظيم الكيد، وكان حقيقاً بأن يحترس منه أبلغ احتراس، والقبيل جمع قبيلة وهي الجماعة المجتمعة التي يقابل بعضهم بعضاً.
وقال الليث: كل جيل من جن أو إنس قبيل، وقيل أعوانه من الشياطين وجنوده، وقال مجاهد: الجن والشياطين، وقال ابن زيد: قبيله نسله والقبيلة الجماعة من أب واحد، فليست القبيلة تأنيث القبيل لهذه المغايرة، وقيل الجماعة ثلاثة فصاعداً من قوم شتى، قاله أبو عبيدة والجمع قبل بضمتين والقبيلة لغة فيه، وقبائل الرأس القطع المتصل بعضها ببعض وبها سميت قبائل العرب.
(من حيث لا ترونهم) أي إذا كانوا على صورهم الأصلية، أما إذا تصوروا في غيرها فترونهم كما وقع كثيراً، ومن ابتدائية أي رؤية مبتدأة من مكان لا ترونهم فيه، وقيل خلق الله في عيون الجن إدراكاً يرون به الإنس، ولم يخلق هذا في عيون الإنس.
وقالت المعتزلة: الوجه في هذا رقة أجسام الجن ولطافتها وكثافة أجسام الإنس.