للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة.

(وكلوا واشربوا) ما شئتم (ولا تسرفوا) أي بتحريم الحلال أو بالتعدي إلى الحرام أو بالإفراط في الطعام، أمر الله سبحانه عباده بالأكل والشرب ونهاهم عن الإسراف فلا زهد في ترك مطعم ولا مشرب، وتاركه بالمرة قاتل لنفسه، وهو من أهل النار كما صح في الأحاديث الصحيحة والمقل منه على وجه يضعف به بدنه ويعجز عن القيام بما يجب عليه من طاعة أو سعي على نفسه وعلى من يعول، مخالف لما أمر الله به وأرشد إليه، والمسرف في إنفاقه على وجه لا يفعله إلا أهل السفه والتبذير، مخالف لما شرعه الله لعباده واقع في النهي القرآني.

وهكذا من حرم حلالاً أو حلل حراماً فإنه يدخل في المسرفين ويخرج عن المقتصدين ومن الإسراف الأكل لا لحاجة وفي وقت شبع، قال ابن عباس: أحل الله الأكل والشرب ما لم يكن سرفاً أو مخيلة قال علي بن الحسين بن واقد، قد جمع الله الطب كله في نصف آية يعني هذه الآية، وفيه دليل على أن جميع المطعومات والمشروبات حلال إلا ما خصه الشرع بدليل في التحريم، لأن الأصل في جميع الأشياء الإباحة إلا مما حظره الشارع، وثبت تحريمه بدليل منفصل.

(إنه لا يحب المسرفين) في الطعام والشراب واللباس، وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طريق عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف، فإن الله سبحانه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده (١).

وفي الآية وعيد وتهديد لمن أسرف في هذه الأشياء لأن محبة الله عبارة عن رضاه عن العبد وإيصال الثواب إليه، وإذا لم يحبه علم أنه ليس براض عنه فدلت الآية على الوعيد الشديد في الإسراف في المأكول والمشروب والملبوس، وما أحق بهذا الوعيد أهل الدول من الفساق والفجار.


(١) صحيح الجامع الصغير ٤٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>