والمشارب والمآكل ونحوها مما يأكله الناس، فإنه لا زهد في ترك الطيب منها، ولهذا جاءت الآية هذه معنونة بالاستفهام المتضمن للإنكار على من حرم ذلك على نفسه أو حرمه على غيره.
وما أحسن ما قال ابن جرير الطبري: ولقد أخطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان مع وجود السبيل إليه من حله، ومن أكل البقول والعدس واختاره على خبز البر، ومن ترك أكل اللحم خوفاً من عارض الشهوة.
وقد قدمنا نقل مثل هذا عنه مطولاً، والطيبات المستلذات من الطعام، وقال ابن عباس: الودك واللحم والسمن، وقيل اللحم والدسم الذي كانوا يحرمونه على أنفسهم أيام الحج يعظمون بذلك حجهم، فرد الله عليهم بقوله هذا، وقال قتادة: المراد ما كان أهل الجاهلية يحرمونه من البحائر والسوائب.
وقيل إن الآية على العموم فيدخل تحته كل ما يستلذ ويشتهي من سائر المطعومات إلا ما نهى عنه وورد النص بتحريمه، وهو الحق كما تقدم، وقيل هو اسم عام لما طاب كسباً ومطعماً قال أبو السعود: وفيه دليل على أن الأصل في المطاعم والملابس وأنواع التجملات الإباحة لأن الاستفهام في (من) إنكاري انتهى ونحوه في البيضاوي.
(قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا) أي: إنها لهم بالأصالة والاستحقاق وإن شاركهم الكفار فيها ما داموا في الحياة (خالصة يوم القيامة) أي مختصة بهم والتقدير قل هي للذين آمنوا غير خالصة في الحياة الدنيا خالصة للمؤمنين يوم القيامة فهي لهم أصالة وللكفار تبعاً لقوله (ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار).
قال ابن عباس في الآية: يعني شارك المسلمون الكفار في الطيبات في