(ولا يستقدمون) مستأنف معناه الإخبار بأنهم لا يسبقون أجلهم المضروب لهم بل لا بد من استيفائهم إياه كما إنهم لا يتأخرون عنه أقل زمان، وقال الحوفي وغيره إنه معطوف على (لا يستأخرون) وهذا لا يجوز وقال الواحدي، المعنى لا يستأخرون عن آجالهم إذا انقضت ولا يستقدمون عليها إذا قاربت الانقضاء.
قلت هذا بناء منه على أنه معطوف على (لا يستأخرون) وهو ظاهر أقوال المفسرين وبالأول قال التفتازاني والكرخي، وقال أبو السعود: معطوف على الجواب لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع إمكانه في نفسه كالتأخر بل للمبالغة في انتفاء التأخر بنظمه في سلك المستحيل عقلاً.
وقال القاري: حاصل كلام القاضي أن هذا بمنزلة المثل أي لا يقصد من مجموع الكلام إلا أن الوقت تقرر لا يتغير ولا يتبدل انتهى.
أقول قد طال الكلام من أهل العلم على ما يظهر في بادئ الرأي من التعارض بين هذه الآيات الشريفة وهي قوله تعالى (إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر) وقوله تعالى (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله) فقيل إنها معارضة لقوله عز وجل (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) وقوله سبحانه (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) وقوله سبحانه (ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده).
فذهب الجمهور إلى أن العمر لا يزيد ولا ينقص استدلالاً بالآيات المتقدمة وبالأحاديث الصحيحة كحديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" إن أحدكم يجمع خلقه في أربعين يوماً ثم يكون علقة ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكاً ويؤمر بأربع كلمات، ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد " وهو في الصحيحين وغيرهما وما ورد