للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انفجرت وانبجست بمعنى واحد وقيل انبجست عرقت، وانفجرت سالت، قال ابن عطية ولا خلاف أنه كان حجراً مربعاً يخرج من كل جهة ثلاث عيون إذا ضرب موسى سالت العيون، وإذا استغنوا عن الماء جفت.

(قد علم كل أناس مشربهم) المشرب موضع الشرب وقيل هو المشروب نفسه، وفيه دليل على أنه يشرب من كل عين قوم منهم لا يشاركهم غيرهم، قيل كان لكل سبط عين من تلك العيون لا يتعداها إلى غيرها، والأسباط ذرية الاثني عشر من أولاد يعقوب وكل عين تسيل في قناة إلى سبط، وكانوا ستمائة ألف، وسعة العسكر اثنا عشر ميلا.

(كلوا) أي قلنا لهم كلوا المن والسلوى (واشربوا) أي الماء المتفجر من الحجر (من رزق الله) فهذا كله من رزقه كان يأتيهم بلا مشقة ولا كلفة ولا تعثوا في الأرض مفسدين عثى يعثي عثياً وعثا يعثو عثواً وعاث يعيث عيثاً لغات بمعنى أفسد، قال في الكشاف العثى أشد الفساد فقيل لهم لا تمادوا في الفساد في حال فسادكم لأنهم كانوا متمادين فيه انتهى، وفي هذه الآية معجزة عظيمة لموسى عليه السلام حيث انفجر من الحجر الصغير ما روى منه الجمع والكثير، ومعجزة نبينا- صلى الله عليه وسلم - أعظم منه لأنه انفجر الماء من بين أصبعيه فروى منه الجم الغفير لأن انفجار الماء من بين الدم واللحم أعظم من انفجاره من الحجر (١).


(١) ويؤيد هذا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه/٤٢٧٩.
عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه. فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم.
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالزوراء (والزوراء بالمدينة عند السوق والمسجد فيما ثَمَّهْ) دعا بقدح فيه ماء فوضع كفه فيه فجعل ينبع من بين أصابعه فتوضأ جميع أصحابه قال قلت: كم كانوا يا أبا حمزة قال: قالوا زهاء الثلاثماية.

<<  <  ج: ص:  >  >>