للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسخرات والإخبار عن هذه بالتسخير وهو التذليل لما يراد منها من طلوع وغروب وسير ورجوع إذ ليس هن قادرات بأنفسهن، وإنما يتصرفن على إرادة المدبر لهن على ما أراد منهن.

(ألا) أداة استفتاح و (له) خبر مقدم والمبتدأ (الخلق والأمر) إخبار منه سبحانه لعباده بأنهما له، والخلق المخلوق والأمر كلامه، وهو كن في قوله (إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) أو المراد بالأمر ما يأمر به على التفصيل والتصرف في مخلوقاته.

قال سفيان بن عيينة: الخلق ما دون العرش والأمر فوق ذلك.

واستخرج من هذا المعنى أن كلام الله ليس بمخلوق لأنه فرق بين الخلق والأمر ومن جعل الأمر الذي هو كلامه من جملة ما خلقه فقد كفر. وفي الآية دليل على أنه لا خالق إلا الله ففيه رد على من يقول إن للشمس والقمر والكواكب تأثيرات في هذا العالم فأخبر أنه هو الخالق المدبر لهذا العالم لا هن وله الأمر المطلق. وليس لأحد أمر غيره، فهو الآمر والناهي الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا اعتراض لأحد من خلقه عليه.

(تبارك الله رب العالمين) أي كثرت بركته واتسعت. ومنه بورك الشيء وبورك فيه كذا قال ابن عرفة، وقال الأزهري معناه تعالى وتعاظم، وقيل تمجد وارتفع، وختم الآية بالثناء عليه لأنه هو المستحق للمدح المطلق، وقال ابن عباس: معناها جاء بكل بركة، وقيل تقدس وقيل باسمه يتبرك في كل شيء، وقيل معناه ثبت ودام. وفي الجمل تبارك فعل ماض لا يتصرف أي لم يجىء منه مضارع ولا أمر ولا اسم فاعل، وقال الزجاج: تبارك من البركة، وهي الكثرة في كل خير.

<<  <  ج: ص:  >  >>