للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سجودهم الإيمان لأنهم آمنوا كرهاً وقلوبهم غير مطمئنة انتهى، وهذا تكلف ساقط حمله عليه المحافظة على ما قد ارتسم من قواعد مذهبية قد سكن قلبه إليها كغيره، وكل عاقل يعلم أنه لا سبب من أسباب الإكراه أقوى من هذا أو أشد منه، ونحن نقول أكرههم الله على الإيمان فآمنوا مكروهين ورفع عنهم العذاب بهذا الإيمان، وهو نظير ما ثبت في شرعنا من رفع السيف عمن تكلم بكلمة الإسلام والسيف مصلت قد هزه حامله على رأسه.

وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمن قتل من تكلم بكلمة الإسلام معتذراً عن قتله بأنه قالها تقية ولم يكن عن قصد صحيح " أأنت فتشت عن قلبه (١) " وقال " لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس " قال القفال إنه ليس إجباراً على الإسلام لأن الجبر ما سلب الاختيار بل كان إكراهاً وهو جائز ولا يسلب الاختيار كالمحاربة مع الكفار؛ فأما قوله (لا إكراه في الدين) وقوله (أفأنت تكره الناس) فقد كان قبل الأمر بالقتال ثم نسخ؛ ذكره الشهاب.

(خذوا ما آتيناكم) أي قلنا لهم خذوا ما أعطيناكم (بقوة) القوة الجد والاجتهاد (واذكروا ما فيه) أي ادرسوا ولا تنسوه؛ والمراد بذكر ما فيه أن يكون محفوظاً عندهم ليعملوا به (لعلكم تتقون) أي لكي تنجو من الهلاك في الدنيا والعذاب في العقبى أو رجاء منكم أن تكونوا متقين.


(١) فقد روى مسلم في صحيحه/٩٦ عن أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فَصَبَّحْنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته.
قال: فلما قدمنا بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله قال؛ قلت: يا رسول الله أنه كان متعوذاً (أي معتصماً) قال: فقتلته بعدما قال لا إله إلا الله. فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>