(قالوا) أي بنو إسرائيل عند مشاهدتهم لتلك التماثيل (يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة) أي صنماً نعبده كائناً كالذي لهؤلاء القوم، قال البغوي: لم يكن ذلك شكاً من بني إسرائيل في توحيد الله وإنما المعنى اجعل لنا شيئاً نعظمه ونتقرب بتعظيمه إلى الله، وظنوا أن ذلك لا يضر، وفيه بعد وقيل: إنهم توهموا أنه يجوز عبادة غير الله فحملهم جهلهم على ما قالوا، قال الكرخي: وعلى كل فالقائل للقول المذكور بعضهم لا كلهم إذ كان من جملة من معه السبعون الذين اختارهم موسى للميقات ويبعد منهم مثل هذا القول.
(قال) أي أجاب عليهم موسى (إنكم قوم تجهلون) وصفهم بالجهل لأنهم قد شاهدوا من آيات الله ما يزجر من له أدنى علم عن طلب عبادة غير الله ولكن هؤلاء القوم أعني بني إسرائيل أشد خلق الله عناداً وجهلاً وتلوناً، وقد سلف في سورة البقرة بيان ما جرى منهم من ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي واقد الليثي قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل حنين فمررنا بسدرة فقلت يا رسول الله اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الله أكبر هذا قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم " (١).