يوم الجمعة يوم النحر، قال ابن عباس: فلم يزل صعقاً ما شاء الله، وقال قتادة: ميتاً والأول أولى لقوله (فلما أفاق) والميت لا إفاقة له، إنما يقال أفاق من غشيته والإفاقة رجوع الفهم والعقل إلى الإنسان بعد جنون أو سكر أو نحوهما ومنه إفاقة المريض وهي رجوع قوته وإفاقة الحلب هي رجوع الدر إلى الضّرْع.
قال الواقدي: لما خر موسى صعقاً قالت الملائكة ما لابن عمران وسؤال الرؤية فلما أفاق وعرف أنه سأل أمراً عظيماً لا ينبغي له (قال سبحانك) أي أنزهك تنزيهاً من أن أسأل شيئاً لم تأذن لي به أو عن أن تُرى في الدنيا أو من النقائص كلها (تبت إليك) عن العود إلى مثل هذا السؤال.
قال القرطبي: وأجمعت الأمة على أن هذه التوبة ما كانت عن معصية فإن الأنبياء معصومون وقيل هي توبته من قتله للقبطي، ذكره القشيري ولا وجه له في مثل هذا المقام، وقيل لما كانت الرؤية مخصوصة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فمنعها قال تبت إليك يعني من سؤال ما ليس لي، وما أبعده والأول أولى (١).
(وأنا أول المؤمنين) بك قبل قومي الموجودين في هذا العصر المعترفين بعظمتك وجلالك وبأنك لا ترى في الدنيا مع جوازها (١).
(١) وفي الحديث الصحيح من حديث أبي هريرة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تُخَيِّروا بين الأنبياء فإن الناس يَصعَقون يوم القيامة فأرفع رأسي فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أصعق فيمن صعق فأفاق قبلي أو حُوسب بصعقته الأولى ". أو قال " كفته صعقته الأولى ". وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن كعب قال: إن الله تبارك وتعالى قسّم كلامه ورؤيته بين محمد وموسى صلى الله وسلم عليهما. ذكره القرطبي ٧/ ٢٨٠.