ظهور محمد - صلى الله عليه وسلم - فيؤمنون به، فتكون هذه الأمور غاية بعثته عليه السلام وبعد نفوذها يؤوب إلى مآبه الأصلي سواء كان بالصلب ثم الرفع أو بالرفع بغير الصلب، فتفكر في هذا المقام فإنه دقيق وأمعن نظرك فيه.
وفي كتاب يهودا وكتاب زكريا أن الرب قد جاء أو سيجيء بربوات مقدسة ليقضي على جميع الناس، ويوبخ المنافقين لجميع أعمال نفاقهم التي نافقوا بها وجميع الأقوال الصعبة التي تكلم بها عليه الخاطئون انتهى.
ودلالة هذا النص على إنبعاث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بديهية لا تحتاج إلى نظر لانحصار جميع هذه الصفات في ذاته المقدسة لكونه مبعوثاً بالسيف أي بالجهاد ولوثوبه بربوات صناديد العرب ولقضائه على جميع الناس ولتوبيخه أهل النفاق، ولا تقل أنه لم يقض على جميع الناس لما صرحت لك فيما قبل هذا بأن الإجماع عبارة عن أعظم النصفين.
وأما استدلال النصارى بهذه الدلالة على ربوبية المسيح نقلاً عن صحيفة زكريا فلا شك في صحة النقل إلا أنه لا دلالة فيه على ما ادعوه مطلقاً ولا على ثبوته بل ولا دلالة له عليه بوجه من الوجوه، لأن المنصوص عليه بالإتيان بهذه الربوات المقدسة والقضاء على جميع الناس وتوبيخ المنافقين ينبغي أن يقوم بالأمر لجد الحديد الأخضر، ولا دلالة لشيء من هذه الصفات على المسيح عليه السلام لأنه لم يأت إلا في زي بعض الزهاد المتخلقين بالمسوح والرماد.
وإلا فإن كان المسيح هو المقصود بهذا النص فلا شك أنه قد قهر اليهود وصلب بيلاطوس النبتي لكن المسيح هو المقصود بهذا النص فيكون كذلك والتالي باطل فالمقدم مثله، أما بطلان التالي فلعدم وقوع ذلك ولإنكار النصارى إياه، وأما بطلان المقدم فلصدق استثناء نقيضه، وكيف يجوز العقل احتياج الإله في الإنتقام من الأعداء إلى الجند والسلاح.
فإن قيل أنه ليس بإله لكنه ابن الله، قلت لا أسلم عدم الألوهية لأن