وقد ذكر هذا في حديث الصحيحين المعلوم عند علماء الحديث ولهم فيه طريقان مشهوران وهو مما خفي على كثير من العلماء ولهم فيه كلام محتاج للإيضاح فأقول لعلماء التفسير فيه طريقان.
(الأول) إنه من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه، وعلى هذا لا يبقى فيه إشكال، ولا للبحث عنه مجال.
(الثاني) إن له معنى جليلاً قام عليه أقوى برهان ودليل، فمنهم من ذهب إلى أنه استعارة وتمثيل نزّل فيه وضوح الأدلة القائمة على توحيده تعالى وصحة أحكام الشريعة المركوزة في الفطرة السليمة منزلة بروزهم في الخارج، وأخذ العهود منزلة اتباع ما ذكر وتسليمه والعمل بمقتضاه، فلا يرد عليه شيء مما ذكر.
ونحن نقول: إن الأمر الذي وقع فيه المبالغة لا يخلو إما أن يقع بعد زمان بعيد كالساعة أو لا يقع، وهو إما محال متعذر الوقوع له نظائر ومشابه أو لا، الأول مقبول لتنزيل المتحقق الوقوع منزلة الواقع، وكذا الثاني لإمكان أن يراد مجاز أو كناية والأخير هو محل الكلام، والذي عليه أهل المعاني أنه مردود ما لم يقترن به مسوغ مثل كاد ونحوها، والآية ليست من هذا القبيل لإسنادها لله الذي أبرز المعدومات من أرحام العدم، ولا يقتضي قدرته شيء في القدم، فما علينا إلا الإيمان بذلك، وما لم تصل له أفهامنا نكله إليه ونسأله أن يهدينا للوقوف عليه، وكفى هذا الاحتمال في مثل هذه الحال، وما بعد الهدى إلا الضلال انتهى.
(قالوا بلى شهدنا) أي على أنفسنا بأنك ربنا، واختلفوا في الإجابة هذه كيف كانت هل كانوا أحياء فأجابوا بلسان المقال، أو أجابوه بلسان الحال