وقد ذكر ابن حجر في التلخيص أنّه تتبعها من الكتاب العزيز إلى أن حررها منه تسعة وتسعين ثم سردها ويؤيد هذا ما أخرجه أبو نعيم عن ابن عباس وابن عمر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة وهي في القرآن.
وقد أطال أهل العلم الكلام على الأسماء الحسنى حتى أن ابن العربي في شرح الترمذي حكى عن بعض أهل العلم أنه جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله ألف اسم، ومعنى أحصاها حفظها، قاله البخاري وبه قال أكثر المحققين ويعضده الرواية الأخرى من حفظها دخل الجنة، وقيل العدد أي عدها في الدعاء بها وقيل المعنى من أطاقها وأحسن المراعاة لها وقيل أحضر بباله عند ذكرها معناها وتفكر في مدلولها والأول أولى، وقد ذكر الرازي في هذا المقام بحثاً في أن الإسم عين المسمى أو غيره وهو مما لم يكلف الله به عباده.
وفي قوله:(فادعوه بها) دليل على أن أسماء الله سبحانه توقيفية لا اصطلاحية والمعنى سموه به وأجروها عليه واستعملوها فيه دعاء ونداء وغير ذلك فلا تسموه بغيرها مما لم يرد إطلاقه عليه تعالى، أمرهم بأن يدعوه بها عند الحاجة فإنه إذا دعي بأحسن أسمائه كان ذلك من أسباب الإجابة.
(وذروا الذين يلحدون) الإلحاد الميل والانحراف وترك القصد، يقال لحد الرجل في الدين وألحد إذا مال، ومنه اللحد في القبر لأنه في ناحيته قال ابن عباس: الإلحاد التكذيب، وقال عطاء: هو المضاهاة، وقال الأعمش: يدخلون فيها ما ليس منها وقال قتادة: يشركون.
والإلحاد (في أسمائه) سبحانه يكون على ثلاثة أوجه.
إما بالتغيير كما فعله المشركون فإنهم أخذوا اسم اللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان قاله ابن عباس ومجاهد.