من جلائل مصنوعاته كملكوت السموات والأرض أو من دقائقها من سائر مخلوقاته (وأن) أي أولم ينظروا في أن الشأن والحديث (عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) فيموتون عن قريب، والمعنى أنهم إذا كانوا يجوزون قرب آجالهم فما لهم لا ينظرون فيما يهتدون به وينتفعون بالتفكر فيه والاعتبار به، وافتعل هنا بمعنى الفعل المجرد أي قرب وقت أجلهم (١).
(فبأي حديث بعده) الضمير للقرآن وقيل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل للأجل المذكور قبله وقيل الضمير يرجع إلى ما تقدم من التفكر والنظر في الأمور المذكورة أي بأي حديث بعد هذا المتقدم بيانه (يؤمنون) وفي هذا الاستفهام من التقريع والتوبيخ ما لا يقادر قدره، والجملة الاستفهامية سيقت للتعجب أي إذا لم يؤمنوا بهذا الحديث فكيف يؤمنون بغيره.
وجملة
(١) قلت: هذا هو الصحيح في الباب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ". وترجم ابن المنذر في كتاب الأشراف (ذكر صفة كمال الإيمان) اجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأن كل ما جاء به محمد حق، وأبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام -وهو بالغ صحيح العقل- أنه مسلم. (ذكره القرطبي ٧/ ٣٣١).